إدارة الموارد البشرية من منطق إدارة القوة العضلية إلى منطق إدارة الفكر و المعرفة أ . ليندة رقام قسم الاقتصاد جامعة باجي مختار-عنابة
إن النجاح والتفوق ليس لهما جنسية، وهما نتيجة نظام التسيير والأهمية التي يمنحها هذا النظام لموارده البشرية وللإدارة التي تعنى بشئونه. وتؤكد النظريات الحديثة في
الإدارة أن تسيير هذا المورد بمنطق العقل المفكر بدل من اليد المنفذة سيسمح بتحقيق هذا التفوق دون شك لذلك فالسؤال المطروح هنا هو:
هل تسير منظمات الأعمال مواردها البشرية باعتبارهم قوة عضلية ؟ أم قوة فكرية ؟ أم اختلف الأمر في هذهالمنظمة، بحيث لا تسير مواردها لا بمنطق اليد المنفذة ولا بمنطق العقل المفكر وإنما بمنطق آخر مختلف ؟
نحاول معرفة ذلك من خلال التطرق إلى مختلف المراحل التاريخية التي
عرفتها هذه المنظمة، ومحاولات الإصلاح والتصحيح العديدة التي مر بها الاقتصاد
الجزائري ومن خلاله نظام تسيير هذه المنظمات ومنه إدارة الموارد البشرية بها،
لأن أي تحول اقتصادي من المفروض أن يتم القيام به تزامنا مع التغيير في فلسفة
وممارسات تسيير الموارد البشرية فيه. فالحديث عن ضرورة عصرنة الاقتصاد
الوطني لمواجهة تحديات العولمة من المفروض أن يتناول أيضا إشكالية تسيير
الموارد البشرية في منظماتنا الاقتصادية.
1) التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية:
إن حقل إدارة الموارد البشرية نشأ وتطور ضمن مراحل تاريخية متأثرا
ومستجيبا للتغيرات البيئية الخارجية والداخلية للمؤسسات وتركيبة اليد العاملة فيها.
حتى مسميات هذه الإدارة عرفت تغييرات تعبر عن الاختلافات الفكرية والوقائع
التاريخية التي ظهرت فيها. فقد استمدت مبادئ هذه الإدارة من خصائص كل
مرحلة تاريخية مرت بها.
نحاول هنا التعريف بثلاث مراحل تاريخية نعتبرها هامة في تاريخ إدارة الموارد
البشرية هي:
1) المرحلة الأولى: ظهور إدارة خاصة بالأفراد.
2) المرحلة الثانية: لماذا إدارة الموارد البشرية؟
3) المرحلة الثالثة: إدارة استراتيجية للموارد البشرية !!
المرحلة الأولى : ظهور إدارة خاصة بالأفراد:
تجمع هذه المرحلة فترة ولادة وظيفة الأفراد ونموها، حيث ترجع فترة ولادتها
أن:" قبل 1914 وظيفة LACONO G إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى. يقول
تسيير الموارد البشرية لا تتواجد فعليا، وإدارة الأفراد كانت تمارس من قبل أرباب
العمل أنفسهم" 1
وبعد الحرب العالمية الثانية عرفت مصالح الأفراد نموا وتطورا ملحوظا، ففترة
1975 ) التي عرفها الاقتصاد آن ذاك سمحت بانطلاقة - النمو والنجاح ( 1945
حقيقية لوظيفة الأفراد. وسمي مسئول الوظيفة على العموم بمدير الأفراد، لكن
ظهرت تسميات أخرى له وهي: مدير العلاقات الإنسانية، مدير العلاقات
الصناعية، مدير العلاقات الاجتماعية، مدير علاقات العمل.
وقد تميزت هذه المرحلة بالخصائص الآتية:
تدل تسمية إدارة الأفراد على سيطرة الرؤية القانونية للإنسان في العمل، ·
فالعامل له حقوق وعليه التزامات ومعرض للممنوعات أيضا.
أسلوب عمل هذه الإدارة يوصف بالتقليدي . فهو مرتبط تاريخيا ونظريا ·
بالنموذج التايلوري في التسيير. ومن المفارقات أن يكون تايلور هو أول
من اهتم بعامل الإنتاج الإنساني مبينا الفوائد التي يمكن أن تجنيها المنظمة
. من خلال تنظيم أحسن للعمل 2
دور إدارة الأفراد هو السهر على تطبيق تقسيم العمل والرقابة الشديدة ·
على أداء الأفراد.
سيطرت البعد الإداري والمكتبي على نشاط إدارة الأفراد. ويؤكد على ذلك ·
بقوله: " بالرغم من أن ممارسات تسيير الأفراد GODELIER E
تركزت أساسا في إجراءات إدارية منمطة تهدف إلى تحسين معالجة
. ملفات الأفراد ، إلا أن هذا دليل على بداية سيطرتها في المنظمات " 3
وظيفة الأفراد وظيفة مساندة تساعد الوظائف الأخرى في أداء مهامها ·
حتى تحقق العقلانية في استعمال عامل العمل في المنظمة.
تأثرت هذه الإدارة بظهور وزيادة قوة النقابات العمالية وتدخل الدولة في ·
الحياة الاقتصادية .
تمحورت أنشطة إدارة الأفراد والتي غاب عنها التنسيق في: الاختيار، ·
التوظيف ، التدريب ، تحديد الأجور والتعويضات حسب القوانين ، محاولة
تحسين ظروف العمل وتلبية الحاجات لتحقيق الرضا، معالجة الصراعات،
الطرد والتسريح، تسيير عقود العمل ، تحديد المؤهلات، المفاوضات مع
النقابات وإبرام عقود الاتفاق .
مارس إدارة هذه الوظيفة كل من المهندسين والقانونيين وأخصائيين ·
اجتماعيين.
اهتمت بالقوة العضلية للإنسان لذلك ركزت على الجوانب المادية للعمل ·
من أجور ومكافآت، ومكان وبيئة العمل المادية، وعلى التدريب المهني
لزيادة المهارات الميكانيكية للإنسان.
يمثل الأفراد تكلفة من تكاليف الإنتاج لذلك يجب العمل على تخفيضها. ·
فهم أقل أهمية من الوسائل التقنية للإنتاج ، كما يمكن استبدالهم بسهولة،
المعاملة. Individualisation ويمثلون كل متجانس حيث تغيب شخصنة
والتركيز على أعدادهم وليس أنواعهم .
مع العلم أن إدارة الأفراد لم تكتفي بهذه التسمية ولا الفلسفة ومن ثم ولا الدور الذي
قامت به خلال هذه المرحلة، بل واصلت تطورها وغيرت في تسميتها وفي
المبادئ التي تعمل على أساسها وزاد بالتالي مجال تدخلها ومنه أهميتها في
المنظمات .
2-1 المرحلة الثانية : لماذا إدارة الموارد البشرية ؟
تشمل هذه المرحلة نهاية السبعينات وسنوات الثمانينات، حيث تحولت وظيفة
الأفراد إلى وظيفة الموارد البشرية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا
التغيير في الاسم له دلالته في حياة الفرد داخل المنظمة؟
للإجابة على هذا السؤال بعض الباحثين يرى أن هناك تشابه كبير بين تسيير
الأفراد وتسيير الموارد البشرية، لذلك يتساءل هؤلاء عن مغزى المظهر الجديد
لإدارة الموارد البشرية، فالاختلافات شكلية أكثر منها جوهرية بالنسبة لهم
أن التغيير في الاسم يدل على التغيير في النظرة PERETTI JM في حين يرى
والممارسة أيضا، لأن المفهوم التقليدي للأفراد والذي يرى أنهم مصدر تكلفة يجب
. تخفيضها يترك المكان إلى مفهوم الفرد مورد يجب تعظيمه 5
وفي نفس الاتجاه يؤكد أحمد سيد مصطفى: الإدارة العليا تنظر للعاملين كرأس
مال عقلي ومورد أو أصل يفوق في قيمته قيمة الأصول الأخرى في المنظمة
كالأرض والمباني والآلات والخامات والأموال. وظهر مسمى إدارة الموارد
. البشرية لينسجم مع هذه النظرة 6
وقائع هذه المرحلة تدل على تغير مس طبيعة العمل ووسائله واعتماد تكنولوجيا
متطورة في تنفيذه مع منافسة شديدة قوامها الإبداع والابتكار، لذلك من غير
المعقول أن ينحصر مفهوم الفرد في هذه الحالة في قوته العضلية بل يجب الاهتمام
بعقله باعتباره مصدر الإبداع والتجديد. إلا أن هذا لا يتحقق إلا بإدارة واعية
ومدركة لهذه الحقيقة مغيرة ليس اسمها فحسب بل فلسفتها ومنه رؤيتها لهذا
الإنسان الموجود يوميا في المنظمة .
إن التحول في التسمية والنظرة للعنصر البشري في المنظمة له مدلوله العلمي
أيضا، لأن الانتشار الواسع لعلوم الأحياء والسبنتيك جعل من مصطلح النظام هو
المرجع الأساسي لتحقيق رؤية شاملة ومتكاملة عن المنظمات والأفراد الذين
يكونوها . فغياب الترابط والتكامل بين أنشطة إدارة الأفراد في المرحلة السابقة
جعل من الصعب تحقيق الاستعمال الفعال للعنصر البشري في المنظمة، في حين
وبفضل تأثير مدخل النظم استطاعت إدارة الموارد البشرية تجاوز النظرة القديمة
المركزة على الطابع المشتت لأنشطتها لصالح نظرة تؤكد على الطابع الاعتمادي
والمتفاعل والمترابط بينها ومدى حساسيتها للتغيرات التي تحدث في محيطها .
فالأخذ بفكرة الترابط بين أنشطة إدارة الموارد البشرية وتأثير المحيط عليها يسمح
وبسهولة ترك تسمية " إدارة الأفراد " لصالح " إدارة الموارد البشرية "، ليكون
الطابع الديناميكي للوظيفة والعلاقات العضوية التي تنميها مع أهداف الوظائف
.. الأخرى وأهداف المنظمة ككل هي صفات بديهية فيها 7
وعلى هذا الأساس فقد تميزت هذه المرحلة في إدارة العنصر البشري بالخصائص
الآتية :
نضج كبير بلغته وظيفة الموارد البشرية . ·
هناك بعض الأنشطة التي تتشابه فيها مع إدارة الأفراد مثل الاهتمام ·
بإجراءات الاختيار والتعيين والتدريب وحفز العاملين ، لكن هناك عناصر
أساسية تميزها عن إدارة الأفراد وهذا لم يأتي نتيجة الصدفة لكن جاء
نتيجة عوامل داخلية متعلقة بالمنظمة وأخرى خارجية عنها شجعت على
اختلاف الرؤية والمعاملة للمورد البشري .
تأخذ إدارة الموارد البشرية في الحسبان بعد المحيط الخارجي وأثره على ·
أنشطتها وأثر ذلك على المنظمة ككل .
تراجع سلطة مختص العلاقات الصناعية وظهور أخصائي الموارد ·
البشرية كمحترف لمهنة الإدارة .
التأكيد على النزعة الإدارية التسييرية لإدارة الموارد البشرية من خلال ·
مشاركتها في تحمل المسئوليات التنظيمية . فهي ترتقي من المستوى
التنفيذي إلى مستوى الإدارة العليا.
الإلحاح المستمر لمسيري إدارة الموارد البشرية على التكوين ليكونوا ·
عناصر نشطة وقوى اقتراح في مجالس الإدارات مثلهم مثل بقية مديري
الإدارات الهامة في المنظمة.
تطور الإعلام الآلي والاستفادة منه في مجال التسيير الإداري للموارد ·
البشرية: معالجة الأجور، حفظ المعلومات عن العاملين، تسيير الحياة
الوظيفية
محاولة التقريب بين مصالح وأهداف العاملين ومصالح وأهداف الإدارة. ·
أصبح المورد البشري استثمار يجب تعظيمه وليس تكلفة يجب تخفيضها ·
والتحكم بها، فهو عنصر فاعل ونشط ورغبته في المساهمة في تحقيق
نجاح المنظمة أصبحت ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها.
لتحميل ملف البحث اضغط هنا
لتحميل ملف إدارة الموارد البشرية من منطق إدارة القوة العضلية إلى منطق إدارة الفكر و المعرفة أ . ليندة رقام قسم الاقتصاد جامعة باجي مختار-عنابة
إن النجاح والتفوق ليس لهما جنسية، وهما نتيجة نظام التسيير والأهمية التي يمنحها هذا النظام لموارده البشرية وللإدارة التي تعنى بشئونه. وتؤكد النظريات الحديثة في
الإدارة أن تسيير هذا المورد بمنطق العقل المفكر بدل من اليد المنفذة سيسمح بتحقيق هذا التفوق دون شك لذلك فالسؤال المطروح هنا هو:
هل تسير منظمات الأعمال مواردها البشرية باعتبارهم قوة عضلية ؟ أم قوة فكرية ؟ أم اختلف الأمر في هذهالمنظمة، بحيث لا تسير مواردها لا بمنطق اليد المنفذة ولا بمنطق العقل المفكر وإنما بمنطق آخر مختلف ؟
نحاول معرفة ذلك من خلال التطرق إلى مختلف المراحل التاريخية التي
عرفتها هذه المنظمة، ومحاولات الإصلاح والتصحيح العديدة التي مر بها الاقتصاد
الجزائري ومن خلاله نظام تسيير هذه المنظمات ومنه إدارة الموارد البشرية بها،
لأن أي تحول اقتصادي من المفروض أن يتم القيام به تزامنا مع التغيير في فلسفة
وممارسات تسيير الموارد البشرية فيه. فالحديث عن ضرورة عصرنة الاقتصاد
الوطني لمواجهة تحديات العولمة من المفروض أن يتناول أيضا إشكالية تسيير
الموارد البشرية في منظماتنا الاقتصادية.
1) التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية:
إن حقل إدارة الموارد البشرية نشأ وتطور ضمن مراحل تاريخية متأثرا
ومستجيبا للتغيرات البيئية الخارجية والداخلية للمؤسسات وتركيبة اليد العاملة فيها.
حتى مسميات هذه الإدارة عرفت تغييرات تعبر عن الاختلافات الفكرية والوقائع
التاريخية التي ظهرت فيها. فقد استمدت مبادئ هذه الإدارة من خصائص كل
مرحلة تاريخية مرت بها.
نحاول هنا التعريف بثلاث مراحل تاريخية نعتبرها هامة في تاريخ إدارة الموارد
البشرية هي:
1) المرحلة الأولى: ظهور إدارة خاصة بالأفراد.
2) المرحلة الثانية: لماذا إدارة الموارد البشرية؟
3) المرحلة الثالثة: إدارة استراتيجية للموارد البشرية !!
المرحلة الأولى : ظهور إدارة خاصة بالأفراد:
تجمع هذه المرحلة فترة ولادة وظيفة الأفراد ونموها، حيث ترجع فترة ولادتها
أن:" قبل 1914 وظيفة LACONO G إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى. يقول
تسيير الموارد البشرية لا تتواجد فعليا، وإدارة الأفراد كانت تمارس من قبل أرباب
العمل أنفسهم" 1
وبعد الحرب العالمية الثانية عرفت مصالح الأفراد نموا وتطورا ملحوظا، ففترة
1975 ) التي عرفها الاقتصاد آن ذاك سمحت بانطلاقة - النمو والنجاح ( 1945
حقيقية لوظيفة الأفراد. وسمي مسئول الوظيفة على العموم بمدير الأفراد، لكن
ظهرت تسميات أخرى له وهي: مدير العلاقات الإنسانية، مدير العلاقات
الصناعية، مدير العلاقات الاجتماعية، مدير علاقات العمل.
وقد تميزت هذه المرحلة بالخصائص الآتية:
تدل تسمية إدارة الأفراد على سيطرة الرؤية القانونية للإنسان في العمل، ·
فالعامل له حقوق وعليه التزامات ومعرض للممنوعات أيضا.
أسلوب عمل هذه الإدارة يوصف بالتقليدي . فهو مرتبط تاريخيا ونظريا ·
بالنموذج التايلوري في التسيير. ومن المفارقات أن يكون تايلور هو أول
من اهتم بعامل الإنتاج الإنساني مبينا الفوائد التي يمكن أن تجنيها المنظمة
. من خلال تنظيم أحسن للعمل 2
دور إدارة الأفراد هو السهر على تطبيق تقسيم العمل والرقابة الشديدة ·
على أداء الأفراد.
سيطرت البعد الإداري والمكتبي على نشاط إدارة الأفراد. ويؤكد على ذلك ·
بقوله: " بالرغم من أن ممارسات تسيير الأفراد GODELIER E
تركزت أساسا في إجراءات إدارية منمطة تهدف إلى تحسين معالجة
. ملفات الأفراد ، إلا أن هذا دليل على بداية سيطرتها في المنظمات " 3
وظيفة الأفراد وظيفة مساندة تساعد الوظائف الأخرى في أداء مهامها ·
حتى تحقق العقلانية في استعمال عامل العمل في المنظمة.
تأثرت هذه الإدارة بظهور وزيادة قوة النقابات العمالية وتدخل الدولة في ·
الحياة الاقتصادية .
تمحورت أنشطة إدارة الأفراد والتي غاب عنها التنسيق في: الاختيار، ·
التوظيف ، التدريب ، تحديد الأجور والتعويضات حسب القوانين ، محاولة
تحسين ظروف العمل وتلبية الحاجات لتحقيق الرضا، معالجة الصراعات،
الطرد والتسريح، تسيير عقود العمل ، تحديد المؤهلات، المفاوضات مع
النقابات وإبرام عقود الاتفاق .
مارس إدارة هذه الوظيفة كل من المهندسين والقانونيين وأخصائيين ·
اجتماعيين.
اهتمت بالقوة العضلية للإنسان لذلك ركزت على الجوانب المادية للعمل ·
من أجور ومكافآت، ومكان وبيئة العمل المادية، وعلى التدريب المهني
لزيادة المهارات الميكانيكية للإنسان.
يمثل الأفراد تكلفة من تكاليف الإنتاج لذلك يجب العمل على تخفيضها. ·
فهم أقل أهمية من الوسائل التقنية للإنتاج ، كما يمكن استبدالهم بسهولة،
المعاملة. Individualisation ويمثلون كل متجانس حيث تغيب شخصنة
والتركيز على أعدادهم وليس أنواعهم .
مع العلم أن إدارة الأفراد لم تكتفي بهذه التسمية ولا الفلسفة ومن ثم ولا الدور الذي
قامت به خلال هذه المرحلة، بل واصلت تطورها وغيرت في تسميتها وفي
المبادئ التي تعمل على أساسها وزاد بالتالي مجال تدخلها ومنه أهميتها في
المنظمات .
2-1 المرحلة الثانية : لماذا إدارة الموارد البشرية ؟
تشمل هذه المرحلة نهاية السبعينات وسنوات الثمانينات، حيث تحولت وظيفة
الأفراد إلى وظيفة الموارد البشرية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا
التغيير في الاسم له دلالته في حياة الفرد داخل المنظمة؟
للإجابة على هذا السؤال بعض الباحثين يرى أن هناك تشابه كبير بين تسيير
الأفراد وتسيير الموارد البشرية، لذلك يتساءل هؤلاء عن مغزى المظهر الجديد
لإدارة الموارد البشرية، فالاختلافات شكلية أكثر منها جوهرية بالنسبة لهم
أن التغيير في الاسم يدل على التغيير في النظرة PERETTI JM في حين يرى
والممارسة أيضا، لأن المفهوم التقليدي للأفراد والذي يرى أنهم مصدر تكلفة يجب
. تخفيضها يترك المكان إلى مفهوم الفرد مورد يجب تعظيمه 5
وفي نفس الاتجاه يؤكد أحمد سيد مصطفى: الإدارة العليا تنظر للعاملين كرأس
مال عقلي ومورد أو أصل يفوق في قيمته قيمة الأصول الأخرى في المنظمة
كالأرض والمباني والآلات والخامات والأموال. وظهر مسمى إدارة الموارد
. البشرية لينسجم مع هذه النظرة 6
وقائع هذه المرحلة تدل على تغير مس طبيعة العمل ووسائله واعتماد تكنولوجيا
متطورة في تنفيذه مع منافسة شديدة قوامها الإبداع والابتكار، لذلك من غير
المعقول أن ينحصر مفهوم الفرد في هذه الحالة في قوته العضلية بل يجب الاهتمام
بعقله باعتباره مصدر الإبداع والتجديد. إلا أن هذا لا يتحقق إلا بإدارة واعية
ومدركة لهذه الحقيقة مغيرة ليس اسمها فحسب بل فلسفتها ومنه رؤيتها لهذا
الإنسان الموجود يوميا في المنظمة .
إن التحول في التسمية والنظرة للعنصر البشري في المنظمة له مدلوله العلمي
أيضا، لأن الانتشار الواسع لعلوم الأحياء والسبنتيك جعل من مصطلح النظام هو
المرجع الأساسي لتحقيق رؤية شاملة ومتكاملة عن المنظمات والأفراد الذين
يكونوها . فغياب الترابط والتكامل بين أنشطة إدارة الأفراد في المرحلة السابقة
جعل من الصعب تحقيق الاستعمال الفعال للعنصر البشري في المنظمة، في حين
وبفضل تأثير مدخل النظم استطاعت إدارة الموارد البشرية تجاوز النظرة القديمة
المركزة على الطابع المشتت لأنشطتها لصالح نظرة تؤكد على الطابع الاعتمادي
والمتفاعل والمترابط بينها ومدى حساسيتها للتغيرات التي تحدث في محيطها .
فالأخذ بفكرة الترابط بين أنشطة إدارة الموارد البشرية وتأثير المحيط عليها يسمح
وبسهولة ترك تسمية " إدارة الأفراد " لصالح " إدارة الموارد البشرية "، ليكون
الطابع الديناميكي للوظيفة والعلاقات العضوية التي تنميها مع أهداف الوظائف
.. الأخرى وأهداف المنظمة ككل هي صفات بديهية فيها 7
وعلى هذا الأساس فقد تميزت هذه المرحلة في إدارة العنصر البشري بالخصائص
الآتية :
نضج كبير بلغته وظيفة الموارد البشرية . ·
هناك بعض الأنشطة التي تتشابه فيها مع إدارة الأفراد مثل الاهتمام ·
بإجراءات الاختيار والتعيين والتدريب وحفز العاملين ، لكن هناك عناصر
أساسية تميزها عن إدارة الأفراد وهذا لم يأتي نتيجة الصدفة لكن جاء
نتيجة عوامل داخلية متعلقة بالمنظمة وأخرى خارجية عنها شجعت على
اختلاف الرؤية والمعاملة للمورد البشري .
تأخذ إدارة الموارد البشرية في الحسبان بعد المحيط الخارجي وأثره على ·
أنشطتها وأثر ذلك على المنظمة ككل .
تراجع سلطة مختص العلاقات الصناعية وظهور أخصائي الموارد ·
البشرية كمحترف لمهنة الإدارة .
التأكيد على النزعة الإدارية التسييرية لإدارة الموارد البشرية من خلال ·
مشاركتها في تحمل المسئوليات التنظيمية . فهي ترتقي من المستوى
التنفيذي إلى مستوى الإدارة العليا.
الإلحاح المستمر لمسيري إدارة الموارد البشرية على التكوين ليكونوا ·
عناصر نشطة وقوى اقتراح في مجالس الإدارات مثلهم مثل بقية مديري
الإدارات الهامة في المنظمة.
تطور الإعلام الآلي والاستفادة منه في مجال التسيير الإداري للموارد ·
البشرية: معالجة الأجور، حفظ المعلومات عن العاملين، تسيير الحياة
الوظيفية
محاولة التقريب بين مصالح وأهداف العاملين ومصالح وأهداف الإدارة. ·
أصبح المورد البشري استثمار يجب تعظيمه وليس تكلفة يجب تخفيضها ·
والتحكم بها، فهو عنصر فاعل ونشط ورغبته في المساهمة في تحقيق
نجاح المنظمة أصبحت ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها.
لتحميل ملف البحث اضغط هنا
لتحميل ملف إدارة الموارد البشرية من منطق إدارة القوة العضلية إلى منطق إدارة الفكر و المعرفة أ . ليندة رقام قسم الاقتصاد جامعة باجي مختار-عنابة